المؤامرات الدولية
1194 - المؤامرات ليست شيئاً حديثاً فى العلاقات بين الدول بل هى قديمة قدم التاريخ ... والمؤامرات ليست ضدنا نحن فقط بل هى موجودة فى مناطق وبؤر كثيرة جداً فى العالم ... وقد يكون من الصحيح أن نذكر أنه نادراً ما تخلو منها منطقة ... ولكن المشكلة ليست فى المؤامرات ... وإنما المشكلة تتلخص فى ماذا فعلنا وماذا سنفعل لدحر ودحض المؤامرات ... المشكلة فى قوتنا ووحدتنا واستعدادنا لمواجهة المؤامرات ، والمشكلة فى أفعالنا قبل المؤامرات وردود أفعالنا بعد المؤامرات ... وبقراءة التاريخ ودراسته ... والتأمل فيه والتدبر ... واستخلاص دروسه وعبره نجد أن التأثير الشديد والقوى للمؤامرات لا يظهر إلا عندما تكون الدولة المتآمر عليها قد وصلت إلى مرحلة من الضعف والهوان لا تستطيع فيه الدفاع عن نفسها أو التصدى لمؤامرات الأعداء عليها ... فالمؤامرات الدولية هى أشبه ما تكون بالميكروبات والفيروسات التى دائماً ما تهاجم جسم الإنسان ولكنها لا تنجح فى إصابة الجسد بالمرض إذا كان الجسد سليماً صحيحاً معافى مستعداً لها ... وهكذا تظل الميكروبات تهاجم الإنسان وتظل المؤامرات تحاول هدم الدول فلا تنجح الأولى إلا إذا ضعف الإنسان ولم يكن مستعداً لها ... ولا تنجح الثانية إلا إذا ضعفت الدولة أو انقسمت أو انشغلت بقضايا أخرى عن قضية الاستعداد لمواجهة المؤامرات والوقاية منها وطرق القضاء عليها ...
1195 - وعلى الرغم من إقرارى واعترافى بالمؤامرات ودورها ... إلا أننا يجب أن نتوقف عن الحديث عنها ... أو نقلل منه إلى حد كبير ... فكثرة حديثنا عن المؤامرات تشحن عقولنا بالضعف والسلبية والعجز ... وتصورنا لأنفسنا وكأننا معدمو الإرادة وعاجزون عن الفعل ... فنحن نقدم أنفسنا وكأننا ضحايا نستحق الشفقة ... ونخلق لأنفسنا شماعة للأخطاء نستطيع بها أن نخدع أنفسنا لنستريح ، ونجعل من المؤامرات سبباً لعدم نجاحنا ... وبذلك نمنع أنفسنا بأنفسنا من المواجهة مع النفس ، ونقد الذات ، وتحليل الأفعال ، والأحداث ، والبحث عن الأخطاء ، واستنباط الدروس والعبر ... والتخطيط للمستقبل والعمل له بطريقة أفضل ... وبذلك نظل ندور فى حلقة مفرغة ما بين مسئولية المؤامرات عن فشلنا وفشلنا بسبب المؤامرات ... وما بين بكائنا على الماضى وشكوانا من الحاضر وعدم استعدادنا الكافى للمستقبل ...
1196 - من ينتظر أن يتوقف أعداؤنا عن التآمر علينا حتى نستطيع أن نعمل وننجح فهو واهم ... ولن يحدث ذلك أبداً ...
فالنجاح فى رأيى هو التغلب على الصعوبات والعقبات التى ستكون حجر عثرة فى طريقنا ، أو التى سيحاول أعداؤنا وضعها فى طريقنا ... ولن يأتى نجاحنا أو يتحقق عن طريق مطالبة الآخرين بتمهيد الأرض لنا وإزالة المعوقات من أمامنا ... فهذا لم يحدث من قبل ، ولن يحدث فيما بعد ...
والحل من وجهة نظرى هو أننا علينا أن نعالج الأمور بحكمة وعقل ، وأن نتوقف عن الاهتمام الزائد والمبالغ فيه بما يدبره لنا أعداؤنا من مؤامرات ... فمن حقهم أن يفعلوا كل ما يرونه ضاراً لنا ... وليس لنا أن نلومهم ... بل يظل من حقنا أيضاً أن نستعد بما يحمينا منهم ... وأن نعد لهم ما يضرهم ويرد عليهم كيدهم ... فالعين بالعين ... والسن بالسن ... والمؤامرة بالمؤامرة ...
1197 - وفى كل الأحوال علينا أن نزيد من استعدادنا ، واهتمامنا بأنفسنا ، ومواجهة أنفسنا بأخطائنا ، وبمشاكلنا ، ونقاط ضعفنا ، وعيوبنا ... فأغلب مشاكلنا هى من صنع أيدينا نحن ... ولا تفعل المؤامرات شيئاً أكثر من أنها تستغل مشاكلنا وأخطائنا ، فتضغط عليها وتضاعفها ... فلنحاسب أنفسنا أولاً ... ولنعالج عيوبنا حتى لا يستغلها الآخرون ...