الأحزاب ... والحياة السياسية
920 – رغم وجود ما يقرب من 100 حزب حالياً فى مصر ... إلا أن الحياة الحزبية فى مصر لا يرضى عنها الكثيرون ... لا يرضى عنها من هو خارجها ... ولا يرضى عنها أيضاً من هو داخلها ...
921 – وفى الحقيقة فإن فاعلية الأحزاب السياسية فى الحياة المصرية محدودة وضعيفة ويرجع ذلك من وجهة نظرى إلى عدة أسباب :-
أ - ضعف ميزانية الأحزاب ؛ وبالتالى عدم قدرتها على تنفيذ ما ترغب فيه ، وعدم قدرتها على التحرك والتفاعل الجماهيرى ...
ب - اعتماد كثير من الأحزاب على شخصية أو شخصيات محددة فى الحزب ؛ وغالباً ما يكون هؤلاء الشخصيات هم المؤسسون ... وهذا يؤثر على استمرار قوة الحزب فى حالة غياب مؤسسيه ...
ج - المضايقات والاختراقات الأمنية لكثير من الأحزاب ...
د - عزوف كثير من الشعب عن التفاعل مع الأحزاب ...
هـ - عدم امتلاك الكثير من الأحزاب رؤية أو برامج مختلفة ...
و - ابتعاد بعض الأحزاب فى لغتها وتفكيرها عن احتياجات الشارع المصرى ، فكثير من الأحزاب محبوسة فى قوالب فكرية قديمة ومستهلكة ... مما يؤدى إلى تشابه ما تنتجه ...
– ماذا يمكننا أن نفعل لكى تعيش مصر حياة حزبية حقيقية :-
922 – تعديل قانون الأحزاب بحيث ينص على ضرورة أن يزيد عدد أعضاء كل حزب سنوياً ... فالقانون الحالى ينص على أنه يشترط لتأسيس حزب أن يتوفر 5000 عضو ... ولكنه لا يشترط شيئاً بعد ذلك ... وما يحدث هو أن يقوم وكلاء المؤسسين والراغبين فى تأسيس الحزب بالسعى والتحرك من أجل جمع هذا العدد وما أن ينجحوا فى جمعه يتوقفون بعد ذلك عن الدعوة للحزب ... وفى كثير من الأحيان يكون عدد كبير من الأعضاء المؤسسين غير فاعلين ؛ وبالتالى تصبح الأعداد الحقيقية التى تشارك فى فاعليات الحزب قليلة جداً ... وبالتالى يصبح الحزب مقيداً فى السجلات وموجوداً على الورق فقط على حين لا يكون له دور مؤثر فى الواقع ...
ولحل تلك المشكلة أقترح أن ينص قانون الأحزاب على ضرورة زيادة عدد الأعضاء كل فترة ؛ فيصبح بعد سنتين 10 آلاف عضو ... وبعد 4 سنوات 20 ألف عضو وبعد 6 سنوات 35 ألف عضو وبعد 8 سنوات 50 ألف عضو ؛ وسينتج عن هذا التعديل أن كل حزب يحرص على الوجود والبقاء سوف يسعى إلى ضرورة التواصل الجماهيرى والتفاعلى ونشر أفكاره وبرامجه من أجل زيادة عدد أعضائه ... وبقاء وجوده ...
أما الأحزاب التى لن تنجح فى زيادة عدد أعضائها فيمكنها أن تندمج أو تتوحد مع أحزاب أخرى تتشابه معها فى الفكر والتوجه والبرامج ...
وبمرور السنوات سوف يصبح لدينا عدد أحزاب أقل ولكنه أقوى ، وأكثر تأثيراً ؛ وستكون هناك منافسة حزبية قوية وحقيقية ...
كما أن زيادة أعضاء كل حزب بناء على هذا التعديل سوف تساعد على زيادة ميزانية الأحزاب الناتجة عن تسديد الأعضاء اشتراكاتهم وبالتالى يصبح كل حزب أكثر قدرة مالياً بعكس الوضع الحالى الذى تعانى فيه الأحزاب من عدم توفر ميزانيات تسمح لها بالعمل ...
923 – تقوم الدولة بتوفير مقرات مجانية كبيرة للأحزاب فى المدن الرئيسية ، وفى كل محافظة يكون للحزب فيها عدد كبير من الأعضاء وليكن 2000 مثلاً ، وتقوم بتوفير قاعات للاجتماعات فى المدن والمراكز يتم تأجيرها مجاناً لكل حزب ... ويمكن أن تكون هناك منطقة محددة ومخصصة لمقرات الأحزاب جميعها فى بعض المدن ...
924 – إلغاء وتجريم النشاط السياسى فى الجامعات وفى النقابات ؛ ورغم أن الكثيرين قد يتخيلون للوهلة الأولى أن هذا القرار يعيق الحياة السياسية ويعتبر من القرارات المقيدة للحرية إلا أنه فى الحقيقة ليس كذلك ... ودعونى أشرح لكم وجهة نظرى فى السطور القادمة ...
925 – يرجع ارتباط العمل السياسى فى مصر بالجامعات والنقابات إلى النصف الأول من القرن العشرين حيث كان الهدف القومى الذى يعمل من أجله أغلب السياسيين والمصريين هو التخلص من الاحتلال الإنجليزى ...
ونظراً لطبيعة العصر وقتها فلم تكن هناك فرصة لتجمع أكبر عدد من الناس سوى تجمع الشباب فى المدارس الثانوية ، والجامعات ، والعمال فى المصانع ، والنقابات ؛ ولذلك كانت الدعوة إلى التظاهر والاعتراض تخرج من الجامعات والمصانع وتتجه إلى موقع الحدث ... وبمرور الوقت ورغم رحيل الاحتلال البريطانى إلا أننا ظللنا وللأسف على طريقة التفكير نفسها فنربط بين تقديرنا ونظرتنا لمدى الحريات السياسية التى يتمتع بها المجتمع وبين حرية العمل السياسى فى الجامعات والنقابات ... وفى الحقيقة فإن هذا خطأ كبير وقعنا فيه واستمررنا فيه حتى وصلنا إلى أننا نتكلم فى السياسة فى الجامعات ، وفى المصانع ، وفى النقابات ، وفى البيوت ، وعلى المقاهى ، وفى الشوارع ... ولكننا لا نذهب إلى الأحزاب ...
وهكذا أصبحت حياتنا اهتمامات سياسية وتحيزات واتهامات بانتماءات وانقسامات وصراعات فى النقابات على حين ضعف اهتمامها بتطوير أعضائها مهنياً ... وكذلك الحال فى الجامعات ... وفى الحقيقة فإن ما نفعله هذا يتسبب فى الضرر للجميع ، ولا يحقق الفائدة لأى عنصر من عناصر المجتمع فالجامعات والنقابات انصرفت عن الاهتمام بما أنشئت من أجله على حين صار كثير من الأحزاب شبه خاو ...
926 – أما فوائد هذا المنع والتجريم الذى أدعو إليه فسوف يصحح الخلل الذى نعانى منه فتصبح الجامعة داراً للعلم ، والدراسة ، والبحث ، والمعرفة ، ويصبح اهتمام الطلبة وإدارة الجامعة منصباً وموجهاً نحو العلم ، وتخصصاته ، وكيفية اكتسابه ، ونقله ، وتطبيقاته ، وتطويرها ... وبالتالى سيكون ذلك عاملاً مساعداً نحو نجاح الجامعة فى أداء دورها العلمى ؛ وبالتالى تفيد طلابها الدارسين بها وتفيد المجتمع كله ... وكذلك الحال بالنسبة للنقابات فسوف يصبح الاهتمام داخل النقابة منصباً على الاهتمام بالمهنة ، وتطويرها ، وحل مشاكلها ، ومشاكل أعضائها ...
وبمعنى آخر فى التعبير فإن من يرغب فى الدراسة عليه أن يذهب إلى الجامعة ومن يرغب فى تطوير نفسه مهنياً عليه الذهاب إلى النقابة ، ومن يرغب فى العمل بالسياسة عليه الذهاب إلى الحزب الذى يتوافق مع تفكيره وانتماءاته ...
927 – دعوة الأحزاب إلى تعديل نظامها الداخلى بحيث تتم انتخابات داخل الحزب كل سنة أو كل سنتين لتولى المناصب الرئيسية والفرعية وتحديد مدة معينة لا يجب أن يتجاوزها أى مسئول حزبى فى بقاءه فى منصبه ... وذلك حتى يحدث انتقال وتغيير دورى للمسئولين الحزبيين ؛ وبالتالى سينتج عن هذا حراك فكرى وعملى وتجديد للحزب وقادته ؛ وسيصبح ذلك تطبيقاً عملياً للديمقراطية ولانتقال السلطة السلمى الذى يجب أن نحرص عليه جميعاً وأن تلتزم به فى البدء كل الأحزاب ... ويجب أن تكون الأحزاب السياسية على اختلاف هويتها هى المثل والقدوة فى هذا الشأن ...
928 – تحديد مهلة ولتكن سنة ميلادية ( على سبيل المثال ) للراغبين فى تأسيس حزب وذلك من أجل جمع التوكيلات ... والهدف من ذلك هو منع البعض ممن يظلون لفترات طويلة يقولون إنهم مؤسسون لأحزاب تحت التأسيس ... فإما أن يستطيعوا جمع التوكيلات فى هذه المدة وأما أن ينضموا إلى أحد الأحزاب القائمة ...
929 - وكذلك إعطاء مهلة لكل كيان سياسى أو ائتلاف سياسى من أجل إعادة ترتيب هيكله واختياره للشكل القانونى الذى يرغب فى العمل من خلاله بحيث لا تكون هناك أى كيانات فى المجتمع غير مرخصة وغير قانونية ... فإذا كان من حق كل فرد أن يعمل فيما يريده ويعبر عما يؤمن به فى حرية واحترام فكذلك من حق المجتمع والدولة ألا تكون فى المجتمع كيانات غير معروف للمجتمع تنظيمها وأعضائها وتمويلها ...
930 – مناشدة الأحزاب السياسية أن تغير من سياساتها القائمة فى أغلبها على المعارضة ... وأن تتجه بالتوازى مع ذلك إلى وضع وطرح برامج وأفكار وحلول لكل ما يعانيه المجتمع من مشاكل بدلاً من الشعارات النظرية الصماء التى دفعت الكثيرين إلى الابتعاد عن العمل الحزبى ...